قراءة في قصة فتاة القمامة للقاصة شيرين عابدين

قراءة في قصة فتاة القمامة للقاصة شيرين عابدين

نستعرض قصة "فتاة القمامة" المنشورة في موقع بتانة للكاتبة شيرين شحاته عابدين، http://www.battana.org/Participation_Details.aspx?index=h58SmQZEVK8= ؛ لغة القصة جميلة، بها البلاغة والاستعارات المكنية، فتقول الكاتبة في أول فقرة بالقصة "وأجدني أضحيت جسداً لنملة سقطت رهينة لدي جيشٍ من الرجال." ، كذلك كتبت "أن أمتطي تمردي فيصير أليف بوجه متراخ العضلات" فقد جعلت تمردها فرسا يمكن ركوبه والتحكم في مساره واتجاهه، أيضا تقول "لقد وجدت بذوري عاقر، وأرضي قاحلة؛ فكلما رويتها من ماء مقاتلة النفس كانت تبخره بقوة حرارة بواطنها؛ فيتلاشى عما قليل وعليه لم تنبت شجرتي" فمن الواضح أن اللغة لدى الكاتبة طيعة ذات خلفية ثقافية جيدة تجعلها تخط وتشكل بها ما تريده بكلمات سهلة مكثفة لتوصيل فكرتها داخل حدود قصتها، المتأمل للقصة يجد أن الكاتبة قد استخدمت فيها كل أنواع الحواس، السمع والبصر والشم والتذوق واللمس، والأعضاء المستخدمة في تلك الحواس كالأذن والعين والأنف واللسان واليدين، بالإضافة للحاسة السادسة وهي البصيرة والاستبصار.
هناك خطأ يقع فيه الكثير من الكُتابّ، وكنت أنا منهم، ولكن بعد أن لفت انتباه له أحد اساتذتي بالجامعة، ومن يومها وأنا لا انساه ولا اخطأ فيه مرة أخرى، بل وكلما وقع تحت عيني في أي نص مكتوب اكتشفه بسهولة، تقول الكاتبة في نصها "لِم لم أستطع أن أخضع النفس فتتآلف مع الغير مرغوبعندما نقرأ سورة الفاتحة، فاتحة القرآن الكريم، حتى نصل للآية "غير المغضوب عليهم"، تأتي الكلمة بعد "غير" معرفة بالألف واللام، فلم يقل الحق سبحانه "الغير مغضوب عليهم"، لذلك يصبح التصحيح في نص الكاتبة شيرين شحاته "فتتآلف مع غير المرغوب".
يعد الحوار داخل القصة هو حوار ذاتي، بين البطلة/الراوية وبين نفسها، فهي من يحكي، ومن يتحاور مع نفسه والأشياء التي لا تنطق، فهي من يسأل ويجيب، يطرح ويعلق. وبالفعل هي كتبت ذلك داخل القصة "أعقد حينها  أحاديث ثنائية الأطراف بيني وبين نفسي"... فالقصة بها شخصيتان، البطلة فتاة القمامة، ووالدها ولكن دوره هنا نفسي، فهو مصدر عقبها بالضرب البدني والإهانة النفسية بالصراخ والسباب العالي... الفتاة بالقصة تعيش ما بين البيت الذي يأويها وأبيها وبين أكوام من بقايا الطعام والشراب الملقاة في مقالب القمامة.
تطرح الكاتبة بقصتها "فتاة القمامة" لقضية الفقر والجوع، وكيف أن الفقر قد يصل بالفقير إلى اعتماده على أكوم القمامة لسد جوعه، ومن كثرة وجودة بين تلك الأكوام تقوم أسراب الذباب بإكساب هؤلاء الفقراء مصل وتلقيح ضد كل ما يوجهونه من صعوبات لاستمرار الحياة.

قراءة وتحليل: محمود سلامة الهايشة – كاتب وباحث مصري، elhaisha@gmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كافوزال Cafosal لتنشيط التمثيل الغذائي – حقن للاستعمال البيطري

راكومين..غلة وجبة شهية لقتل الفئران